في كشف فلكي مذهل، اكتشف علماء الفلك سحابة كونية ضخمة لم تُلاحظ من قبل، تمتد على نحو 200 سنة ضوئية، ويُعتقد أنها تقوم بتوجيه المادة نحو مركز مجرتنا “درب التبانة”. السحابة الجديدة، التي أُطلق عليها اسم “سحابة المنتصف” (Midpoint Cloud)، تم تحديدها باستخدام تلسكوب غرين بانك الراديوي (Green Bank Telescope) وتُعد واحدة من أكثر التراكيب الغازية غموضًا في مجرتنا حتى اليوم.
سحابة المنتصف: قناة مخفية تنقل المادة إلى قلب المجرة
تقع سحابة المنتصف في منطقة باردة ومظلمة وخالية من النجوم، وهي تحتوي على ممرات كثيفة من الغبار الكوني والمادة النجمية، ما يجعلها بيئة مثالية لولادة النجوم في المستقبل، وتشير الدراسة إلى أن هذه الممرات الكثيفة قد تكون بمثابة قنوات ملتوية تنقل المادة نحو “العمود النجمي المركزي” (Central Bar) في المجرة، مما يساهم في تشكيل النجوم في هذه البيئة القاسية.
بحسب العلماء من المرصد الوطني للفلك الراديوي ومرصد غرين بانك، فإن السحابة تُشبه في طبيعتها الفوضوية ما يحدث في قلب المجرة، حيث تُظهر قياسات الكتلة والكثافة والحركة طابعًا مضطربًا يعكس الأحداث النشطة التي قد تكون وقعت قبل 200 سنة ضوئية من موقعها.
عُقد غازية نشطة وذكريات انفجارات نجمية
واحدة من أبرز التراكيب التي تم رصدها داخل سحابة المنتصف تُعرف باسم “العقدة E” (Knot E)، وهي عبارة عن تكتل غازي كثيف، يبدو أن مادته قد تعرضت للتآكل بفعل إشعاع نجمي قوي، بالإضافة إلى تأثير ناتج عن مايزر (Maser) – وهو انبعاث ميكروويفي طبيعي نادر داخل السحب الكونية، كما كشفت الصور عن تركيبة على شكل قشرة تشير إلى احتمال حدوث انفجارات نجمية (سوبرنوفا) في الماضي، ربما ناتجة عن موت نجوم ضخمة في تلك المنطقة.
بداية لفهم كيفية تدفق المادة عبر الكون
العالم “لاري مورجان” من مرصد غرين بانك، الذي يُنسب إليه الفضل في اكتشاف هذه السحابة، أكد أن سحابة المنتصف تمثل مفتاحًا لفهم تطور المجرات، خاصة فيما يتعلق بكيفية تشكّل النجوم بالقرب من النواة المجريّة، ويأمل العلماء أن تُسهم هذه الاكتشافات في تقديم صورة أوضح عن آلية تدفق المادة من أطراف المجرة نحو مركزها، وهي عملية جوهرية في تطور المجرات عبر الزمن الكوني.
ويُعد هذا الاكتشاف خطوة مهمة نحو فهم الروابط المعقدة بين هدوء قرص المجرة الذي نعيش فيه، والاضطراب الشديد في قلبها، مما يُلقي الضوء على ديناميكية مجرة درب التبانة وكيفية نشوء النجوم في أعمق أعماقها.
تعليقات