الجارديان: ترامب أصغى لإسرائيل فقط في أزمة إيران وتجاهل استخبارات أمريكا

الجارديان: ترامب أصغى لإسرائيل فقط في أزمة إيران وتجاهل استخبارات أمريكا

كتبت- سلمى سمير:

كشفت صحيفة “الجارديان” البريطانية في تحليل لها، اليوم الثلاثاء، أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن هجمات على المنشآت النووية الإيرانية خلال عطلة نهاية الأسبوع، جاء في وقت لم يطرأ فيه أي تغيير يُذكر على تقييمات أجهزة الاستخبارات الأمريكية بشأن برنامج إيران النووي، والتي بقيت ثابتة إلى حد كبير على مدى قرابة عقدين من الزمن.

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن هذا الجدل المستمر حول طبيعة البرنامج النووي الإيراني لطالما وضع أجهزة الاستخبارات الأميركية — ذات النظرة الحذرة — في مواجهة مع كل من إسرائيل والتيار المحافظ الجديد في واشنطن، منذ ذروة ما عُرف بـ “الحرب العالمية على الإرهاب”.

استخبارات أمريكا: إيران لم تبنِ قنبلة

لما يقارب العشرين عامًا، أكدت أجهزة الاستخبارات الأمريكية أن إيران تُدير برنامجًا لتخصيب اليورانيوم، لكنها لم تسعَ فعليًا إلى تصنيع قنبلة نووية. ويعود هذا التقييم إلى عام 2007 على الأقل، وظلّ حجر الزاوية في تقارير الاستخبارات الأمريكية منذ ذلك الحين. وقد أثار هذا التقييم جدلاً متكرّرًا بشأن ما إذا كان تخصيب إيران لليورانيوم يُشكّل تهديدًا نوويًا فعليًا، خاصة في ظل عدم وجود برنامج حقيقي للتسلّح.

وعلى الجانب الآخر، رأت إسرائيل والتيار المتشدد في واشنطن أن هذا التفريق بين التخصيب والتسلّح ليس جوهريًا، معتبرين أن إيران قادرة على إنتاج قنبلة نووية بسرعة متى قررت ذلك. لكن الواقع، بحسب الصحيفة، أن إيران أوقفت برنامجها للتسلّح النووي عام 2003، ومنذ ذلك الحين لم تُظهر أي محاولة فعلية لصنع قنبلة، بل إنها تبنّت استراتيجية “الردع بالتهديد” فقط.

دروس من العراق… تتجاهلها إدارة ترامب

ترى الجارديان أن سلوك إيران يُذكّر بكيفية تعامل نظام صدام حسين مع ملف أسلحة الدمار الشامل، حيث تخلّى عن برامجه النووية والبيولوجية والكيميائية بعد حرب الخليج الأولى، لكنه لم يُفصح عن ذلك علنًا، ما أدّى إلى إساءة فهم أمريكية قاتلة، تُوّجت بغزو العراق عام 2003. وكانت تلك الكارثة الاستخباراتية إحدى أسوأ إخفاقات وكالة الاستخبارات المركزية (CIA).

ومنذ ذلك الحين، أصبحت أجهزة الاستخبارات الأمريكية حذرة جدًا في تقييمها للبرامج النووية، لا سيما في إيران، وهو ما شكّل رادعًا للعديد من الرؤساء السابقين، بمن فيهم جورج بوش الابن وباراك أوباما وجو بايدن، الذين اختاروا عدم التصعيد ضد طهران رغم ضغوط إسرائيل المستمرة.

لكن الحال تغيّر في عهد ترامب، بحسب تحليل الصحيفة، ليس لأن الاستخبارات غيّرت تقييمها، بل لأن ترامب نفسه أصبح أكثر ميلًا لتصديق الرواية الإسرائيلية، في الوقت الذي أبدى فيه شكوكًا عميقة تجاه أجهزة الاستخبارات الأمريكية.

ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، أقال ترامب عددًا كبيرًا من موظفي مجلس الأمن القومي وأجرى ما وصفته الصحيفة بـ “تطهير أيديولوجي” في المؤسسات الأمنية، ما أدى إلى غياب التوازن المعتاد في دوائر صنع القرار. وأكد ترامب مؤخرًا هذا التوجه عندما صرّح علنًا: “لا أهتم” بتقييم أجهزة الاستخبارات التي تقول إن إيران لا تبني قنبلة نووية.

لا مؤشرات على تصنيع سلاح نووي

وعلى الرغم من تصريحات ترامب، لم تُظهر إيران أي نية حقيقية لاستئناف برنامج التسلّح النووي. فقد خلص تقييم الاستخبارات الأمريكية لعام 2007 إلى أن إيران أوقفت برنامجها العسكري عام 2003. وفي عام 2011، صدر تقييم استخباراتي جديد أشار إلى أن إيران تُواصل تطوير برنامجها لتخصيب اليورانيوم، وقد تتمكن من إنتاج يورانيوم عالي التخصيب، لكن دون وجود أدلة على نية تصنيع قنبلة.

أما اليوم، فلا تزال أجهزة الاستخبارات الأمريكية تؤكد أن إيران لم تُفعّل مجددًا برنامجها النووي العسكري، بحسب ما أعلنته تولسي جابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية، في شهادتها أمام الكونجرس في مارس الماضي. ورغم وصول مخزون إيران من اليورانيوم المخصب إلى أعلى مستوياته، إلا أن المرشد الأعلى علي خامنئي لم يُصدر قرارًا بإعادة إطلاق برنامج التسلح الذي أُوقف في 2003.

بعد الهجوم الأميركي الأخير، ركز الديمقراطيون في الكونجرس الأمريكي على نقطة أساسية: لا توجد معلومات استخباراتية جديدة تُبرر العمل العسكري. وأكّد السيناتور الديمقراطي مارك وورنر، عضو لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، أن ترامب “تجاهل بشكل صارخ” تقييمات الاستخبارات حين أمر بقصف إيران.

واعتبرت الصحيفة أن هذا التصرف يعكس تحولًا خطيرًا في طريقة تعامل الرئيس الأمريكي مع الملفات الحساسة، متجاوزًا التقاليد الأمنية التي أرساها رؤساء سابقون، ومتجاهلًا التحذيرات القائمة منذ عقود بشأن المخاطر المترتبة على التصعيد مع طهران.

المصدر: مصراوي

ملحوظة : موقع ( جريدة النهاردة ) قارئ إخباري مستقل لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لانها لا تعبر عن رأي الموقع وقد تم نشر الخبر كما هو من المصدر.