«الحمد لله إننا صحينا»| 30 يونيو ..حين أفلت المصريون بلدهم من «لعنة البيعة»

«الحمد لله إننا صحينا»| 30 يونيو ..حين أفلت المصريون بلدهم من «لعنة البيعة»

اعتاد المصريون مقولة «نوم العوافي»؛ يطلقونها على النائم متمنين له دوام الصحة والعافية، لكنهم استفاقوا، وخاصمهم النوم، وقطعوا مع وطنهم عهدًا، يوم 30 يونيو 2013؛ بألا يتركوه فريسة لـ جماعة الإخوان الإرهابية، التي سطت على الحكم في غفلة من الزمن.

في ذلك اليوم المشهود، استيقظ المصريون بعد أن انتبهوا لخطورة أن يلعبوا دور الضيوف في حفل تنصيب «الإرهابي» حاكمًا، ولولا أن تمردوا على «نوم العوافي» لذهب الوطن إلى غير رجعة. 

لو لم تقم الثورة؛ لكان السيناريو البديل قد أصبح حقيقة، ولولا يقظة الشعب، لتحولت مصر إلى «جمهورية البيعة» لـ «المرشد»، كحاكم فعلي يوزع التوجيهات الإلهية على رعاياه – بحسب ما يعتقدون – وصارت مهمة الحكومة الأساسية تقبيل اليد التي توزع الفتاوى.

ثورة 30 يونيو 2013

اقرأ أيضًــا:

ثورة 30 يونيو.. إنقاذ وطن من نفق مُظلم وميلاد جديد للدولة المصرية

12 عامًا على ثورة 30 يونيو.. طوق النجاة الذي أنقذ مصر من مصير دول حولنا

 

لو لم تقم الثورة؛ لشهدنا نقاشات البرلمان حول حكم زراعة الخيار، والعياذ بالله في الظل، ومدى مشروعية لعب كرة القدم بدون نِقاب، وبحث تطبيق حد الحرابة بقطع أيدي و أرجل المصريين من خلاف.. وذلك حدث بالفعل.

لو لم تقم الثورة؛ لقامت محاكم التفتيش بملاحقة أي صوت وطني أو مدني، واحتسابه ضمن «المؤامرات الخارجية»، وتصدرت نشرات الأخبار عناوين «تطهير المجتمع من الشوائب» و«ضبط العشرات من حالقي اللحى» و«إعدام أنصار الدولة الوطنية».

لو لم تقم الثورة؛ لتحولت مصر إلى المنتجع المفضل للدواعش، وسيناء إلى منطقة حرة  للإرهاب، والقاعدة الأم لتدريب المبتدئين على خطف الطائرات وتفجير الكباري، وتدشين البوابة الغربية على الحدود مع ليبيا إلى الباب الملكي لدخول حاملي جوازات «القاعدة»، وكل ذلك تحت عين «الجماعة» الراعية التي ترى في الحدود مجرد خطوط وهمية رسمها الاستعمار الكافر.

عنف أنصار جماعة الإخوان الإرهابية

اقرأ أيضًــا:

تأجيل محاكمة 34 متهما بخلية داعش الدقى لجلسة 14 سبتمبر

 

لو لم تقم الثورة؛ لانتعشت تجارة السلاح، باعتبارها  الصناعة الوطنية الأسرع نموًا في بلادنا، وصارت مصر بموقعها الجغرافي الفريد، هي الممر الأكثر كفاءة لتوصيل الأسلحة اللازمة لقلب الأنظمة، لإتمام مخطط تقسيم المنطقة، كما أرادها الصديق الوفي «شيمون بيريز» زعيم الكيان الصهيوني.

لو لم تقم الثورة؛ لانتقل المقر الرئيسي لـ«داعش» إلى أرض الكنانة، تمهيدًا لإعلان «دولة الخلافة» من ميدان التحرير بعد تغيير اسمه إلى «ميدان الصحوة»، واستخدام الأهرامات كخلفية لعمليات الذبح العلني، والقصاص من العلمانيين، كانت مصر -مهد الحضارات‐ ستتحول إلى مركز عالمي لتصدير «المنتجات» الإرهابية لدول الجوار وأوروبا، مع شعار تسويقي جذاب: «الإرهاب المصري.. جودة بطعم التين والزيتون».

لو لم تقم الثورة، لتصدرت مصر قائمة الدول الممنوع السفر إليها، بعد خطاب رئيسها ” صبي المرشد ” في الأمم المتحدة، عن «التمكين للإسلام» بينما الجميع يرى المتحدث وهو يتلقى التعليمات من مرشده عبر سماعة أذن، كما كان يلقنه «القصاص.. القصاص».

لو لم تقم الثورة، لانهارت مكانة مصر الدولية بأسرع من أسهم الشركات الوهمية، ولكان المجتمع الدولي سيفرض علينا عقوباته بعناوينها الرنانة مثل «مصر راعية الإرهاب» أو «جمهورية التطرف».

لو لم تقم الثورة؛ لهرب المستثمرون فورًا إلى أي مكان آخر أكثر أمانًا، وعقدنا التحالفات الاقتصادية العملاقة، مع “أنصار الشريعة”، و” بنك التقوى”، و” شركات الذبح الحلال” في جزر الباهاما .

لو لم تقم الثورة؛ لتحول إعلامنا إلى منصات للفتاوى فقط، وإقناع نسائنا برضاع الكبير، وفتياتنا بالزواج المبكر، قبل البلوغ، طالما كانت تطيق، والتأكيد على ضرورة لبس النقاب والجلباب الأسود فقط، دون الألوان الأخرى حتى لاتزوغ أنظار الرجال، أو تهيج حواسهم.

لو لم تقم الثورة؛ لانتظم المصريون في دورات تدريبية فئوية، للنساء على «طاعة الزوج» وللرجال على «فقه الطاعة» و«أحكام الجهاد» و«شرح فضل بيعة الإخوان»، مع حذف مادة التاريخ لأنها تحتوي على سيرة الفراعنة الكفار، وعن الفن والثقافة لا تسل، فهما ممنوعان إلا إذا كان الفن مديحًا للجماعة، والثقافة تلقينًا لتعليماتها، ولكانت مصر المحروسة ستتحول إلى شوارع بلا ألوان، بلا ضحكات، بلا موسيقى، فقط همهمة التكبيرات وصمت الخوف.

لو لم تقم الثورة؛ لما بقي لمصر اليوم جيش قوي يحمي حدودها من نيران الفوضى التي تشتعل حولها شرقًا وغربًا وجنوبًا؛ كانت ستتحول، كغيرها، إلى ساحة لتصفية الحسابات بين الميليشيات والمرتزقة، ومجرد ورقة في يد القوى الإقليمية تتقاذفها كيفما شاءت.

كلمة أخيرة..

في الوقت الذي تتهاوى فيه دول كانت مستقرة، وتنقسم العواصم العربية بين احتلال ودمار وحكومات ظل؛ كانت مصر ستدخل «نادي الدول المنهارة» -لا قدر الله- وتُرفع على أرضها أعلام الحرس الثوري في الشرق، ورايات الميليشيات في الغرب، وأحلام التقسيم تُنفذ خطوة بخطوة بغطاء ديني مزيف.

لحسن الحظ -والحمد لله ألف مرة- أن المصريين قرروا فجأة التخلي عن «نوم العوافي» ..  صحوا من غفوتهم، نظروا حولهم، وتمردوا، وتحول السيناريو الأسود إلى ملحمة إنسانية .. شعب يملأ الميادين، وجيش يعرف أن «الوطنية» ليست كلمة في خطاب حماسي أجوف، وقائد بطل قدر ما لدى الشعب من مخزون حضاري؛ فانحاز لإرادته.. ونجت  مصر.

المصدر: مستقبل وطن نيوز

ملحوظة : موقع ( جريدة النهاردة ) قارئ إخباري مستقل لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لانها لا تعبر عن رأي الموقع وقد تم نشر الخبر كما هو من المصدر.