تلعب فوهة قمرية، خُلِّدت في إحدى أشهر الصور الفوتوغرافية على الإطلاق، دورًا محوريًا في البحث عن حياة فضائية في نظامنا الشمسي، حيث تمتد هذه الفوهة، المعروفة سابقًا باسم “باستور تي”، لمسافة تقارب 40 كيلومترًا عبر الجانب البعيد من القمر، وربما تكون أكثر الفوهات القمرية مشاهدةً في التاريخ، وقد شاهدها عدد لا يُحصى من سكان الأرض وهي تمتد بشكل بارز في مقدمة صورة “شروق الأرض” الشهيرة التي التقطها رائد الفضاء الأمريكي ويليام أندرس في 24 ديسمبر 1968، خلال مهمة أبولو 8.
وفقا لما ذكره موقع “space”، أصبحت الصورة، التي تُظهر الأرض شبه المضاءة وهي تشرق بجلال فوق أفق القمر، مشهورة جدًا لدرجة أنه أُعيدت تسمية الفوهة باسم “شروق أرض أندرس” في عام 2018.
وبعد مرور ما يقرب من 60 عامًا على وضع تحليق أندرس للفوهة التي تحمل اسمه على الخريطة، التقطت مركبة فضائية أخرى لمحةً منها من مدارها، حيث إن مركبة مستكشف أقمار المشتري الجليدية (JUICE)، التي أُطلقت من الأرض في أبريل 2023، ومن المتوقع أن تصل إلى مدار المشتري في عام 2031، حلقت بالقرب من القمر قبل عام تقريبًا.
استخدم علماء المهمة هذا اللقاء لاختبار الأدوات العلمية العشرة للمركبة الفضائية، والتي ستُستخدم في النهاية للبحث عن علامات على صلاحية أقمار المشتري العديدة للسكن.
قدّم هذا التحليق القمري أول فرصة لاختبار أداء أجهزة مسبار “جويس” على سطح صلب في الفضاء، وفقًا لما ذكره ممثلو وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) في بيان، وحظي جهاز رادار استكشاف القمر الجليدي (RIME) بأهمية خاصة، إذ يستخدم أصداء الموجات الراديوية لقياس ارتفاع الأجسام الصخرية.
بينما كانت JUICE تمر بجوار الفوهة الشهيرة، أسكت علماء وكالة الفضاء الأوروبية جميع أجهزة المسبار الأخرى للسماح لـ RIME بمراقبتها بهدوء لمدة ثماني دقائق متواصلة، ورسم رادار RIME برسم خريطة لارتفاع القمر داخل الفوهة وحولها، وقارنها الباحثون بقياسات سابقة أجرتها مركبات فضائية أخرى، مثل مقياس الارتفاع بالليزر المداري القمري (LOLA) التابع لناسا.
وجد الفريق، أن الضوضاء الإلكترونية داخل JUICE كانت تُفسد قياسات RIME، مما أدى إلى انطلاق مشروع استمر شهورًا لتصحيح المشكلة باستخدام خوارزمية جديدة.
وأفادت وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) الآن بنجاح هذا المشروع، حيث تُظهر خريطة الارتفاع الجديدة لفوهة أندرس “شروق الأرض” (أعلاه) قممًا ووديانًا تتطابق تمامًا مع الارتفاعات التي التقطتها LOLA خلال عمليات تحليق قمرية سابقة.
تُثبت البيانات أن RIME جاهز لمهمته الكبرى: رسم خرائط الأعماق تحت سطح أكبر أقمار النظام الشمسي، ونأمل أن يُساعد ذلك في البحث عن حياة خارج كوكب الأرض.
تعليقات