تستعد بايدو لإطلاق نموذج Ernie للذكاء الاصطناعي التوليدي مفتوح المصدر، وهو ما سيُمثل تطورًا رئيسيًا في المنافسة العالمية المُستمرة في مجال الذكاء الاصطناعي، وقد أكدت الشركة أن إطلاق نموذجها اللغوي الكبير مفتوح المصدر سيبدأ تدريجيًا ابتداءً من يوم الاثنين، ورغم أن هذه الخطوة قد لا تُحدث تغييرًا جذريًا كظهور DeepSeek، إلا أنها تُثير بالفعل جدلًا واسعًا في مجتمع الذكاء الاصطناعي، وتحظى بمتابعة دقيقة من رواد الصناعة حول العالم.
ويُمثل قرار بايدو مفاجأة للكثيرين، لا سيما في ظل تفضيلها الراسخ لنهج الملكية الفكرية في تطوير الذكاء الاصطناعي، وكانت الشركة قد عارضت سابقًا نموذج المصدر المفتوح، مُفضّلةً الرقابة الداخلية على أدواتها وبنيتها التحتية، ولطالما دعمت بايدو بشدة نموذج أعمالها الخاص، وكانت معارضة صريحة للمصادر المفتوحة، لكن شركات ثورية مثل ديب سيك أثبتت أن نماذج المصادر المفتوحة يمكن أن تكون بنفس تنافسية وموثوقية النماذج الخاصة، وفقًا لما قاله ليان جاي سو، كبير المحللين في مجموعة أبحاث واستشارات التكنولوجيا أومديا، لشبكة سي إن بي سي سابقًا.
وقال شون رين، الأستاذ المشارك في علوم الحاسوب بجامعة جنوب كاليفورنيا والحائز على جائزة باحث العام في مجال الذكاء الاصطناعي من سامسونج: “هذه ليست قصة صينية فحسب، ففي كل مرة يُتيح فيها مختبر رئيسي نموذجًا قويًا مفتوح المصدر، فإنه يرفع مستوى الصناعة بأكملها”.
وأضاف رين أن نماذج المصدر المفتوح تُشكل ضغطًا على شركات مثل OpenAI وAnthropic لتبرير منصاتها المغلقة، وواجهات برمجة التطبيقات المتميزة، ونماذج التسعير القائمة على الاشتراك، وأضاف: “في حين أن معظم المستهلكين لا يهتمون بما إذا كان رمز النموذج مفتوح المصدر، فإنهم يهتمون بانخفاض التكاليف، وتحسين الأداء، ودعم لغتهم أو منطقتهم، وغالبًا ما تأتي هذه الفوائد من النماذج المفتوحة، التي تمنح المطورين والباحثين مزيدًا من الحرية للتكرار والتخصيص والنشر بشكل أسرع”.
ويشير المطلعون على الصناعة أيضًا إلى التأثير الأوسع الذي قد تُحدثه خطوة بايدو على التسعير، وشبّه أليك ستراسمور، مؤسس شركة Epic Loot الاستشارية في مجال الذكاء الاصطناعي، هذا التطور بتحدٍّ مباشر للهيمنة التجارية لقادة الذكاء الاصطناعي الحاليين.
قال ستراسمور: “ألقت بايدو قنبلةً في عالم الذكاء الاصطناعي”، وأضاف: “شركات OpenAI وAnthropic وDeepSeek، كل هؤلاء الذين ظنوا أنهم يبيعون منتجاتٍ فاخرة، على وشك أن يدركوا أن بايدو ستقدم شيئًا بنفس القوة”، وقارن ستراسمور خطوة بايدو بخطوة عملاق البيع بالتجزئة منخفض التكلفة كوستكو الذي ابتكر بديلًا عالي الجودة.
وقال: “هذه ليست منافسة؛ إنها إعلان حرب على الأسعار”، مضيفًا أن إصدار Ernie مفتوح المصدر قد يشجع الشركات الناشئة والمطورين على التوقف عن دفع مبالغ طائلة للوصول إلى الذكاء الاصطناعي.
طموحات بايدو واضحة، ففي مارس، زعمت الشركة أن أحدث طراز من ERNIE X1 قد يضاهي أداء R1 من DeepSeek بنصف السعر، كما ألمح الرئيس التنفيذي، روبن لي، في وقت سابق من هذا العام إلى أن استراتيجية بايدو مفتوحة المصدر تهدف إلى دعم المطورين حول العالم، وقال لي خلال فعالية للمطورين في أبريل: “تهدف إصداراتنا إلى تمكين المطورين من بناء أفضل التطبيقات – دون الحاجة إلى القلق بشأن قدرة النموذج أو التكاليف أو أدوات التطوير”.
ومع ذلك، ليس الجميع مقتنعًا بأن هذا الخبر سيُحدث تغييرًا جذريًا في المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي، صرّح كليف جوركيفيتش، نائب رئيس الاستراتيجية العالمية في شركة فينوم للذكاء الاصطناعي التطبيقي، بأن إعلان بايدو قد لا يُثير ردود فعل كبيرة في أسواق مثل الولايات المتحدة، وقال جوركيفيتش: “من المرجح أن يُحدث خبر تحول بايدو إلى نظام مفتوح المصدر ضجة كبيرة، فمعظم الناس في الولايات المتحدة لا يعرفون حتى أنها شركة تقنية صينية”.
كما قارن بين خطوة بايدو والأيام الأولى لنظام أندرويد، وقال: “عندما ظهر أندرويد لأول مرة، كانت ميزته البارزة هي قابليته للتكوين والتخصيص، لكن الأمر كان يتطلب جهدًا كبيرًا، بمعنى أن الناس أرادوا فقط أن يعمل النظام بشكل صحيح”، وأضاف جوركيفيتش: “نظام أندرويد، فور إخراجه من الصندوق، هو نظام عادي وبسيط، لذا يتعين تخصيصه، وهذا يشكل تحديًا حقيقيًا”.
تعليقات