“برشلونة الأخير”.. الكونغو ورواندا في مواجهة على قمصان الأندية

“برشلونة الأخير”.. الكونغو ورواندا في مواجهة على قمصان الأندية

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، أعلنت وزارة الرياضة والترفيه في جمهورية الكونغو الديمقراطية عن توقيع سلسلة من اتفاقيات الرعاية الرياضية مع أندية أوروبية كبرى، كان أبرزها عقدٌ مع نادي برشلونة الإسباني، يهدف إلى الترويج لصورة البلاد دوليًا عبر كرة القدم.

وأعلن النادي الإسباني عن اتفاقٍ لرعاية قميص الفريق مع وزارة الرياضة والترفيه الكونغولية، يتضمن ظهور شعار الدولة الواقعة في وسط إفريقيا على ظهر جميع ملابس التدريب للفريق الأول.

وأشارت تقارير صحفية إلى أن القيمة الإجمالية للصفقة تبلغ 44 مليون يورو (50.5 مليون دولار) لمدة 4 سنوات، يحصل عليها النادي الكتالوني، مع سداد القسط السنوي الأول الذي يتجاوز 10 ملايين يورو.

وكجزء من الاتفاق، قال برشلونة إن ملعب “كامب نو”، الذي تم تجديده، سيكون معرضًا لدولة جمهورية الكونغو الديمقراطية، وسيسلط الضوء على ثراء وتنوع التراث الثقافي والرياضي الكونغولي من خلال “معارض تفاعلية”، وفقًا لبيان النادي.

وأضاف برشلونة أن الاتفاق سيشمل برنامجًا لمعسكرات رياضية تركز على كرة القدم، وكرة السلة، وكرة اليد، وكرة الصالات، وهوكي الجليد.

وستساعد هذه الاتفاقية برشلونة في محاولاته لتخفيف مشاكله المالية العميقة، والامتثال لقواعد الحد الأقصى للرواتب الصارمة في الدوري الإسباني، والتي خلقت تعقيدات في تسجيل التعاقدات الجديدة.

اتفاقات مع ميلان وموناكو

وفي يونيو الماضي، أبرمت الكونغو اتفاقيات مع ناديي ميلان وموناكو. وبموجب اتفاقية الأخير، سيظهر شعار “جمهورية الكونغو الديمقراطية – قلب إفريقيا” على أكمام قميص الفريق الأول لموناكو، الذي سيشارك في دوري أبطال أوروبا 2025–2026، كما سيظهر الشعار كراعٍ على قمصان فرق الأكاديمية.

وأكد نادي الدوري الفرنسي أن هذه الشراكة “تهدف إلى المساهمة في تطوير كرة القدم الكونغولية وتعزيز مكانة البلاد الدولية”.

وتشير المصادر إلى أن الاتفاقية مع نادي موناكو تتضمن دفعات سنوية تبلغ حوالي 1.6 مليون يورو. أما بالنسبة للشراكة مع نادي ميلان، فقد أفادت صحيفة لوموند بأن قيمتها تبلغ 14 مليون يورو للموسم الواحد، بإجمالي 42 مليون يورو على مدى 3 سنوات.

 

وقال الرئيس التنفيذي لنادي موناكو، تياجو سكورو، إن الصفقة تعني أن النادي يمكنه المساهمة في تحسين سمعة البلاد دوليًا ودعم الجهود الرامية إلى هيكلة وتطوير كرة القدم المحلية.

وقال نادي ميلان إن الاتفاق “سيكون في قلب منصة دولية تهدف إلى دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلدان الإفريقية”، وسيدعم استراتيجية جمهورية الكونغو الديمقراطية لتعزيز قدرتها في السياحة الدولية.

صفقة مشبوهة

وأثارت هذه الاتفاقيات انتقاداتٍ واسعة داخل جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تساءل كثيرون عن جدوى الاستثمار في الخارج في ظلّ تدهور البنية التحتية لكرة القدم المحلية.

وأعرب عدد كبير من المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن رأيهم بأن من الأنسب تخصيص هذه الأموال للخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والرعاية الصحية.

وردًا على ذلك، يؤكد المسؤولون الحكوميون أن هذه الشراكات تُعدّ جزءًا من مبادرة توسُّع استراتيجي أوسع، وتهدف إلى تعزيز القوة الناعمة لجمهورية الكونغو الديمقراطية وتحسين صورة البلاد الدولية في ظل صراعها العسكري مع رواندا، إلى جانب جذب المستثمرين والسياح الأجانب.

وتستهدف الكونغو زيادة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي من 5% إلى 10%، في محاولة لمحاكاة النمو السياحي الذي شهدته تنزانيا ورواندا.

على طريقة رواندا

وتسير جمهورية الكونغو الديمقراطية على خُطى رواندا، التي تعاقدت مع عدد من الأندية الأوروبية.

وبدأت رواندا عقود الرعاية بالتعاون مع نادي أرسنال، من أجل ظهور شعارها على قمصان فريقي الرجال والسيدات في عام 2018، في البداية باتفاقية مدتها 3 سنوات تم تمديدها في عام 2021.

كما أبرمت منظمة Visit Rwanda اتفاقية مع نادي بايرن ميونيخ الألماني، إذ حضر الرئيس الرواندي بول كاجامي مباراة دوري أبطال أوروبا أمام باريس سان جيرمان في أبريل 2024.

ورغم التشابه في النهج، فإن الدولتين بينهما صراع ممتد منذ عقود. 

وقد وقّعت جمهورية الكونغو الديمقراطية وجارتها الشرقية رواندا اتفاق سلام في العاصمة الأمريكية واشنطن، يهدف إلى إنهاء عقود من النزاع بين البلدين، إلا أن الرئيس السابق لجمهورية الكونغو، جوزيف كابيلا، صرّح بأن الاتفاق “ليس سوى اتفاقية تجارية”.

وتدور الحرب بشكل رئيسي بين حركة 23 مارس (M23) شبه العسكرية المدعومة من رواندا، ضد جيش جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وتحظى حركة 23 مارس بدعم من رواندا، الجارة الأصغر، التي درّبت قواتها وسلّحتها وضمّت المتمردين، وفقًا لما ذكرته الأمم المتحدة.

وأقرت رواندا بوجود قواتها داخل أراضي الكونغو الديمقراطية، لكنها نفت سيطرتها على حركة M23.

وقد أسفرت الحرب في شرق البلاد عن مقتل الآلاف، ونزوح مئات الآلاف منذ تصاعد القتال.

رواندا “الملطخة بالدماء”

وفي وقت سابق من هذا العام، دعت وزيرة خارجية الكونغو، تيريز كاييكوامبا فاجنر، أندية أرسنال وبايرن ميونيخ وباريس سان جيرمان إلى إنهاء ما وصفته بـ”الرعاية الملطخة بالدماء” مع رواندا، مشيرة إلى تورط الأخيرة في تأجيج عدم الاستقرار الإقليمي.

كما أثارت صفقة الكونغو الديمقراطية مع نادي برشلونة ردود فعل عنيفة من أصوات المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، التي تُجادل بأن كينشاسا تفشل في معالجة الأزمات المزمنة في البلاد، بما في ذلك انعدام الأمن والفقر، بينما تستثمر في تحسين صورتها العالمية.

ويقول المنتقدون إنه، كما اتهمت الكونغو رواندا باستخدام رعاية كرة القدم لتحويل الانتباه عن الصراع، فإن الحكومة الكونغولية تفعل الشيء ذاته بإعطاء الأولوية للترويج الدولي على حساب الأزمات الداخلية.

ورغم الطموحات التي تحملها حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية من خلال هذه الشراكات الرياضية، فإن الجدل حول جدواها لا يزال مستمرًا، ويبدو أنه لن ينتهي قريبًا.

المصدر: تيليجراف مصر