بعد إنهاء تغولها بالسوق.. متى يتوقف استغلال “غلوفو” لعمال التوصيل؟

بعد إنهاء تغولها بالسوق.. متى يتوقف استغلال “غلوفو” لعمال التوصيل؟

إذا كان مجلس المنافسة قد أفلح في الحد من “تغول” شركة “غلوفو” على مستوى سوق توصيل الطلبيات، فارضا عليها توقيع اتفاق رسمي ينهي استغلالها لموقعها المهيمن في السوق، مقابل إغلاق التحقيق الذي فُتِح في الموضوع، فهذا المستجد قد لا يضع حداً للانتقادات الموجهة للشركة من حيث تعاملها مع عمالها ومتعاونيها، خاصة عمال التوصيل، والذي يصفه مراقبون بالاستغلالي والمتحايل على قوانين الشغل.

وفرض مجلس المنافسة، متم الأسبوع المنصرم، اتفاقاً يضع حداً للشروط الحصرية التي دأبت “غلوفو” على فرضها على المطاعم، إذ أكدت الشركة أنها أعدت خارطة طريق تتضمن سلسلة من الإجراءات التي سيتم تنفيذها تدريجيًا، “بهدف ترسيخ مبادئ الشفافية والإنصاف على منصتها في السوق المغربي”.

بلاغ الشركة الأخير خصص فقرة يتيمة لموضوع عمال التوصيل، حيث تعهدت غلوفو بـ”إرساء معايير رائدة للعاملين المستقلين عبر المنصات الرقمية في المغرب”.

وفي هذا الصدد، أكد الخبير الاقتصادي، إدريس الفينة، أن “غلوفو” تعتمد على شبكة تضم 6500 تاجر محلي وأكثر من 4500 موصل.

وأوضح أن تحقيقها للربحية بالمغرب يرجع فيه الفضل إلى استراتيجية مركزة على التوسع في خدمات “التجارة السريعة” (Q-commerce) والشراكات (المقاول الذاتي) مع الشباب.

وتراهن Glovo على السوق المغربي كمنصة رئيسية لتعزيز حضورها في إفريقيا وتحقيق نمو مستدام و”لو على حساب الاستغلال البشع للشباب المغربي العامل معها” يضيف الأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي.

وأوضح أن “منصة glovo تتواجد في 26 بلدا، لكن الطريقة التي تتعامل بها مع الشباب المغربي المشتغل معها تبقى فريدة من نوعها، وهي الطريقة التي لا تعتمدها في أي من الدول الأخرى، نظرا لصرامة قوانين التشغيل بها”.

ولفت الفينة إلى نوع العلاقة التعاقدية التي تربط عمال التوصيل بالشركة؛ جواب العمال هو “لا توجد أي علاقة قانونية، فقط يطلبون منا أن نكون مسجلين كمقاولين ذاتيين”.

واعتبر رئيس المركز المستقل للتحليلات الاستراتيجية أن الأمر يعري عن واقع خطير: فمنصة Glovo لا تعترف بأي رابطة قانونية أو تعاقدية مع هؤلاء الشباب، بل تدفعهم إلى تبني صفة “المقاول الذاتي” كشرط مسبق للعمل، دون أن تلتزم بتوفير أدنى شروط الحماية الاجتماعية، كالتغطية الصحية أو التأمين ضد حوادث الشغل”.

وتابع “هذه علاقة قائمة على التنصل الكامل من المسؤولية القانونية والاجتماعية، مع تحميل الشاب وحده عبء المخاطر والتكاليف”.

ونبه إلى أن ما يحدث اليوم مع Glovo ليس حالة معزولة، بل هو جزء من ظاهرة توسعت في السنوات الأخيرة، حيث عمدت العديد من الشركات إلى استغلال الإطار القانوني للمقاول الذاتي كآلية للتهرب من التزاماتها الاجتماعية. “هذا الإطار، الذي وُضع في الأصل لتحفيز المبادرات الفردية والمشاريع الصغرى، تم تحويره إلى وسيلة لتفكيك مناصب الشغل القارة وتحويلها إلى علاقات تجارية زائفة، تفتقد لأبسط معايير الكرامة المهنية”.

وأكد أن شركة Glovo حققت أول أرباح تشغيلية لها في السوق المغربي خلال سنة 2023، بعدما سجلت إيرادات تجاوزت 505 مليون درهم (نحو 46 مليون يورو)، بنمو سنوي بلغ 40 في المئة، إذ تهيمن في المغرب على 60 بالمئة من سوق تطبيقات التوصيل، وتنشط في 48 مدينة وتغطي حوالي 80 في المئة من السكان الحضريين.

المصدر: مدار 21