تقنية : تطوير مركبة فضائية صغيرة تعمل بالليزر يمكنها السفر إلى ثقب أسود قريب

تقنية : 
                                            تطوير مركبة فضائية صغيرة تعمل بالليزر يمكنها السفر إلى ثقب أسود قريب

كشف عمل بحثى جديد، أن تكنولوجيا المستقبل قد تسمح لمركبة فضائية مصغرة تعمل بالليزر، لا يزيد وزنها عن مشبك ورق، بالسفر إلى ثقب أسود قريب، وتهدف هذه المهمة الطموحة إلى اختبار حدود نظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين في واحدة من أكثر بيئات الكون تطرفًا، قد يبدو الأمر أشبه بقصة رواية خيال علمي، لكن بالنسبة لعالم الكونيات كوزيمو بامبي، فإن هذه الفكرة متجذرة في الفيزياء الواقعية، ويمكن تحقيقها في حياتنا.

وفقا لما ذكره موقع “space”، قال بامبي، الباحث في قسم الفيزياء بجامعة فودان في الصين، في بيان: “قد يبدو الأمر جنونيًا حقًا، وأقرب إلى الخيال العلمي”، مضيفا “لكن الناس قالوا إننا لن نرصد موجات الجاذبية أبدًا لأنها ضعيفة جدًا، لقد فعلنا ذلك بعد 100 عام، وظن الناس أننا لن نرصد ظلال الثقوب السوداء أبدًا، والآن، بعد 50 عامًا، لدينا صور لثقبين أسودين”.

وكتب في ورقة بحثية حول الفكرة: “إن إمكانية إطلاق مهمة بين النجوم لدراسة ثقب أسود ليست مستحيلة تمامًا، حتى لو كانت هناك تحديات بالغة الصعوبة”، وتتضمن الخطة إطلاق مركبة فضائية صغيرة واحدة أو أكثر، تُسمى “مركبات نانوية”، لتدور حول ثقب أسود قريب، وسيُجهّز كل مسبار بحجم جرام بأجهزة استشعار وشراع ضوئي، ثم يُدفع بسرعة تقارب ثلث سرعة الضوء باستخدام ليزر أرضي قوي.

بهذه السرعة، يمكن لمركبة نانوية الوصول إلى ثقب أسود يقع على بُعد 20 إلى 25 سنة ضوئية في غضون 60 إلى 75 عامًا تقريبًا، وفقًا لتقديرات الدراسة، وستستغرق البيانات التي تجمعها المركبة من 20 إلى 25 عامًا أخرى للوصول إلى الأرض، مما يجعل المدة الإجمالية للمهمة قرابة قرن من الزمان.

يتمثل أحد الأهداف الرئيسية في تحديد ما إذا كانت الثقوب السوداء تمتلك بالفعل آفاق حدث، وهي الحدود غير المرئية التي لا يمكن لأي شيء، ولا حتى الضوء، الإفلات منها، حيث تتنبأ النسبية العامة بوجود هذه الظواهر، ولكن لم يتم تأكيدها بشكل مباشر، وفي المهمة المقترحة، ستراقب مركبة نانوية أخرى وهي تغوص نحو الثقب الأسود، وفي حال وجود أفق حدث، يُفترض أن تنزاح إشارة المسبار الساقط تدريجيًا نحو الأحمر وتتلاشى، بما يتوافق مع تنبؤات أينشتاين، أما إذا كان الثقب الأسود مجرد جسم نظري بدون أفق حدث، وفقًا لبعض النماذج البديلة، فقد تختفي الإشارة فجأة، مما قد يُشير إلى فيزياء جديدة.

كتب بامبي في بحثه: “سنتمكن من الحصول على معلومات قيمة للغاية حول الثقوب السوداء والنسبية العامة، والتي قد يصعب الحصول عليها بطرق أخرى”، وستتطلب المهمة إنجازين رئيسيين: اكتشاف ثقب أسود قريب بما فيه الكفاية، وتطوير أنظمة دفع ليزرية ومركبات فضائية مصغرة قادرة على السفر بين النجوم.

كما أنه في حين أن أقرب ثقب أسود معروف، جايا BH1، يبعد عن الأرض ما يزيد قليلاً عن 1500 سنة ضوئية، تشير نماذج تطور النجوم إلى أن ثقبًا أسود لم يُكتشف بعد قد يقع على بُعد 20 إلى 25 سنة ضوئية فقط من الأرض، وفقًا للدراسة الجديدة.

يُقدر أن تكلفة بناء مصفوفة الليزر اللازمة تبلغ حوالي 1.1 تريليون دولار، وهو مبلغ يتجاوز بكثير إمكانيات ميزانيات العلوم الحالية، ولكن إذا استمرت التوجهات التكنولوجية، يُقدر بامبي أن التكلفة قد تنخفض إلى حوالي مليار يورو خلال 30 عامًا، مما يجعلها تقترب من مهمات الفضاء الرائدة الحالية.
 

المصدر: اليوم السابع